📁 آحدث المقالات

مبدأ التحفظ في المحاسبة: طبيعته، تطبيقاته، وتأثيره على المستقبل

نستكمل تدوينات مبادئ المحاسبة ونتناول فى هذه المقالة مبدأ التحفظ Conservatism Principle "المبدأ الثالث"طبيعة مبدأ التحفظ و المضمون مظاهر التطبيق و مستقبل المبدأ.

مبدأ التحفظ المحاسبي 

مبدأ التحفظ

طبيعة مبدأ التحفظ المحاسبي والمضمون

تتسم قدرة الإنسان بالمحدودية تجاه التعرف على الأحداث المستقبلية و كل ما يمكنه عمله هو إجراء تقديرات وتوقعات فى حدود افتراضات معينة قد تقع و قد لا تقع , و أمام المجهول فى المستقبل ظهر فى العرف العام ما يعرف بأسم "الجانب الأحوط " و فى المجال الهندسي "عامل الأمان" .

و مع أستمرار النشاط للوحدة المحاسبية فى المستقبل , و مع التوقف المؤقت و الضروري في نهاية كل سنة مالية , كان على المحاسبين تطبيق العرف العام السابق بأن يكونوا على الجانب الأحوط خاصة عند عمليات القياس , و ذلك عن طريق عدم الإسراف فى التفاؤل أو حتي إقراره , و الأخذ بالقيم الأقل للأصول المملوكة و تكوين المخصصات اللازمة لمواجهة الخسائر أو الالتزامات مؤكدة الحدوث و يصعب تحديد قيمتها بدقة .

و معني ذلك : أن المخصصات و الاحتياطيات ظهرت فى المحاسبة كنتيجة لتطبيق مبدأ التحفظ , و هنا يمكن القول بأن الأحداث المستقبلية بعد التنبؤ بإمكانية حدوثها يمكن أن تكون :
أ- مؤكدة الحدوث بنسبة عالية .
ب- محتملة الحدوث بنسبة قليلة .
و من حيث إمكانية تحديد قيمتها نجد :
أ- أحداث يسهل تحديد قيمتها بنسبة كبيرة من الدقة .
ب- أحداث يصعب تحديد قيمتها بدقة .
و على ذلك يمكن القول إنه عند القياس المحاسبي تظهر الاحتمالات التالية :
الاحداث المستقبلية
و يرتبط هذا المبدأ بمفهوم المحافظة على رأس المال الذي يأخذ ثلاثة مفاهيم هي :
  • - رأس المال المحاسبي (المالي).
  • - رأس المال الحقيقي
  • - رأس المال المادي (الهندسي)

و المخصص يمثل عبئا على الإيرادات لمقابلة التزامات أو خسائر مؤكدة الحدوث فى المستقبل و يصعب تحديد قيمتها بدقة.
أما الاحتياطي فهو تجنيب لجزء من الأرباح لتدعيم المركز المالي للشركة أو للوفاء بالتزامات عن أحداث مستقبلية محتملة الحدوث , و يمكن تقديرها بشكل تقريبي مقبول.
و كنتيجة للأخذ بهذا المبدأ من جانب المحاسبين ظهرت أساليب تقييم المخزون السلعي و سياسات تسعير المواد المنصرفة و غيرها.

مظاهر تطبيق مبدأ التحفظ في المحاسبة

عن مظاهر تطبيق هذا المبدأ فى المحاسبة يمكن عرض ما يلي :
  1. تقييم المخزون السلعي بأقل الأسعار فى آخر الفترة المالية ( التكلفة أو السوق أيهما أقل ).
  2. ظهور مخصصات هبوط قيم الأصول المتداولة كالأوراق المالية و أوراق القبض و المدينين.
  3. أختيار سياسة التسعير فى إطار هذا المبدأ عند تسعير الخامات المنصرفة للإنتاج .
  4. ظهور الاحتياطات بكافة أنواعها فى القوائم المالية.

مستقبل مبدأ التحفظ

عن مستقبل تطبيق هذا المبدأ نجد أن البعض يوجه إليه نقداً من منطلق أنه يخل بمبدأ المقابلة و يتعارض معه حيث أنه يقلل من التجانس المفترض بين عناصر الإيرادات و بين عناصر المصروفات , ذلك لأنه فى الوقت الذي يقوم المحاسبون بتكوين مخصص للخصم المسموح به لا يقومون بتكوين مخصص لصالح المنشأة للخصم المكتسب , ومن ذلك أيضا عدم الاعتراف بالربح المتولد بالإنتاج أو الحيازة.

و على ذلك فإن هذا المبدأ يمكن أن يطرأ عليه تطوير فى التطبيق بقدر التحول فى أساليب التنبؤ و أساليب القياس للإيرادات غير المحققة.

و عند تطبيق هذا المبدأ فى المعاملات الإسلامية نجد أن المخصصات تمثل عنصر أساسياً من عناصر التكاليف الواجب إدخالها ضمن المقابلة مع الإيرادات المرتبطة بنفس الفترة .و المحافظة على حقوق الغير تعني هنا أنه يجب على التنظيم أن يكون قادراً على الوفاء بالتزاماته المستحقة دون التأثير على طاقته الإنتاجية , و هذا الأمر يتطلب ما يلي :

  • توافر الحجم الكافي من رأس المال العامل و سرعة دورانه.
  • عدم استغراق الديون لصافى الأموال المستثمرة فى المشروع.
  • توافر الأصول النقدية اللازمة أو التي يمكن تحويلها إلي نقدية دون خسارة لسداد الالتزامات.

أما المحافظة على رأس مال أصحاب المشروع فإنها تستند إلي مفهوم ربح الوحدة الأقتصادية لا إلي مفهوم الربح الشامل أساس لقياس الربح , ومن هنا يهتم بتحديد قيمة الربح القابل للتوزيع , بعد خصم جميع التكاليف اللازمة للحصول على الإيرادات بما فى ذلك المخصصات و الزكاة الاهتلاك.

و فى مجال تطوير الإطار المفاهيمي المشترك بين المجلسين يقول ويجانت و آخرون "من الممكن إلغاء مبدأ التحفظ بالكامل مما سيكون له أثره على تطبيق التكلفة أو صافي القيمة القابلة للتحقق أيهما أقل عند تقييم المخزون".

المصدر كتاب نظرية المحاسبة مدخل معاصر للدكتور محمود السيد الناغي .
تعليقات "أخبرنا برأيك في التعليقات"👇