نستعرض مبادئ الستة الأكثرأهمية لإعداد الموازنة العامة من بينهم مبدأ سنوية الموازنة ومبدأ عمومية الموازنة العامة و مبدأ مرونة الموازنة و غيرها.
مبادئ إعداد الموازنة العامة
يحكم إعداد الموازنة العامة مجموعة من المبادئ المستمدة من طبيعة النشاط الحكومي ، وتهدف هذه المبادئ إلى تحقيق فاعلية الموازنة العامة . وفيما يلي أهم هذه المبادئ :
مبدأ سنوية الموازنة
يقضى مبدأ السنوية بأن تعد الموازنة عن سنة مقبلة متضمنة نفقات وإيرادات هذه السنة ومستقلة عن موازنة السنة السابقة عليها أو اللاحقة لها، ويحدد قانون الموازنة في مصر بداية سنة الموازنة بأول يوليو ونهايتها بآخر يونيو ، وتعد السنة فترة مناسبة لإعداد الموازنة العامة للأسباب التالية :-
- أ - فترة السنة ليست طويلة، ومن ثم يمكن إجراء تقديرات عنها بدرجة معقولة من الدقة.
- ب- يستغرق إعداد الموازنة العامة جهدا ونفقة مما يجعل إعدادها عن فترة أقل من سنة أمرا مكلفا.
- ج - تغطي فترة السنة الأحداث الموسمية التى تقع خلالها مثل تحصيل الضرائب في شهور معينة.
ويلائم مبدأ السنوية الأنشطة المتكررة ، غير أن هناك بعض الأنشطة غير المتكررة والتى يستغرق تنفيذها فترة أطول من سنة مثل المشروعات الاستثمارية والبرامج ذات الأهداف المنتهية ، غير أن هذه الأنشطة ينبغي تقسيمها إلى أجزاء بحيث يقع كل جزء فى سنة من سنوات الموازنة.
مبدأ عمومية الموازنة العامة (عدم التخصيص)
يقضى هذا المبدأ بعدم تخصيص إيرادات وحدة حكومية معينة لتغطية نفقات هذه الوحدة ، فمثلا لا تخصص رسوم الدراسة التى يدفعها طلاب الجامعة لتغطية مرتبات العاملين بالجامعة أو أي نوع آخر من النفقات ، ويفيد ذلك في تجميع كل موارد الدولة وإعادة تخصيصها على نواحي الإنفاق المختلفة حسب أهميتها.
ويتوافق هذا المبدأ مع طبيعة الموارد الحكومية حيث ترتبط هذه الموارد بسيادة الدولة ولا ترتبط بثمن أو تكلفة الخدمة المقدمة، ومن ثم فإن هذه الموارد قد لا تمثل إلا رسما رمزيا يدفعه المستفيد من الخدمة وقد تحصلها الدولة من الممول مساهمة منه في النفقات العامة دون أن يحصل الممول على منفعة مباشرة مقابل الأموال التى دفعها مثل الضرائب. وعلى الرغم من ورود هذا المبدأ فى المادة ٩٥ من القانون ٥٣ لسنة ١٩٧٣ حيث نصت هذه المادة على أن يتم تقدير الإيرادات دون أن يستنزل منها أى نفقات ، كما نصت على أنه لا يجوز تخصيص موارد معينة لمواجهة استخدامات محددة إلا فى الأحوال الضرورية والتى يصدر بها قرار من رئيس الجمهورية؛ فإن هذه المادة قد سمحت بوجود استثناءات من مبدأ عدم التخصيص، على أن يصدر بالاستثناء قرار من رئيس الجمهورية. وتتعدد الاستثناءات من هذا المبدأ ومنها – على سبيل المثال – القرار الوزارى رقم ٧٨ لسنة ١٩٧٢ الصادر من وزير الصناعة والبترول والثروة المعدنية والذى يقضى بزيادة أسعار بيع البنزين وتحصيل الزيادة لصالح وزارة الخزانة وتجنب في حساب خاص للصرف منه على إصلاح وصيانة الطرق.
مبدأ مرونة الموازنة
يقصد بالمرونة : صلاحية المسئول عن تنفيذ الموازنة في تغيير ما ورد بها حيث تمثل الموازنة الحد الأقصى للنفقات الذي لا ينبغي للمسئول تجاوزه ونظرا لأن النفقات العامة لا تظهر فيها علاقة الملكية بوضوح لذلك قد يساء استخدامها نظرا لعدم وجود مالك محدد يحافظ عليها، ولهذا آان من بين الأهداف الأساسية للموازنة العامة فرض رقابة مالية وقانونية على الإنفاق ، وذلك بوضع حدود ثابتة لكل نوع من أنواع النفقات ووضع قواعد تحكم تنفيذ هذه النفقات. وتشكل الحدود الثابتة للنفقات والقواعد المالية التى تحكم تنفيذها أسلوبا جامدا للرقابة المالية يهدف إلى ضمان إنفاق المال العام فى الأغراض المخصصة له غير أنه يتعارض مع المرونة التى تستلزم منح صلاحيات لرئيس المصلحة فى النقل من بعض البنود الى البعض الآخر تحقيقا لصالح العمل . ويمكن أن تتحقق المرونة في تنفيذ الموازنة بعدة أساليب منها:
- أ - النقل من مخصص به وفر إلى آخر به عجز دون الحاجة إلى الرجوع للسلطة التشريعية.
- ب- إمكانية النقل من مخصصات جهة معينة إلى جهة أخرى دون الحاجة إلى الرجوع للسلطة التشريعية.
- ج- النص ضمن التعليمات المالية على إمكانية زيادة المصروفات بنسب معينة إذا زادت الإيرادات.
- د - تخصيص أموال للطوارئ والسماح باستخدامها عند الحاجة بشروط معينة. وتسمح القوانين والتعليمات المالية في مصر بقدر من المرونة حيث يجوز النقل بين بنود الباب الواحد بشروط معينة ، كما تمنح وزارة المالية بعض صلاحياتها للمسئولين فى الوحدات الحكومية تحقيقا لقدر من المرونة.
مبدأ شمول الموازنة
ينبغى وفق هذا المبدأ شمول الموازنة لكل النفقات والموارد العامة للدولة بحيث لا يقع أى منها خارج الموازنة ، وعلى ذلك لا يجوز للمصالح التى تحصل إيرادات أن تخصم مصروفات الجباية من هذه الإيرادات وإنما تدرج بالموازنة الإيرادات كاملة والمصروفات كاملة حتى تتمكن السلطة التشريعية والتنفيذية من تحقيق رقابة فعالة على الإيرادات والمصروفات.
ويؤدى اتباع هذا المبدأ إلى التعرف على الموقف المالي للدولة كاملا، ويعد ذلك إفصاحا عن حجم الأموال التي تخصصها الدولة لتقديم خدماتها ويعد كذلك إفصاحا عن مدى توازن الموازنة العامة ومن ثم قوة المركز المالي للدولة . وقد نصت المادة ٣ من القانون ٥٣ لسنة ١٩٧٣ على أن تشمل الموازنة العامة للدولة على جميع الاستخدامات والموارد لأوجه نشاط الدولة التى يقوم بها كل الجهاز الإدارى ووحدات الحكم المحلى والهيئات العامة وصناديق التمويل. وترد بعض الاستثناءات على مبدأ الشمول مثل أموال الهبات التى يشترط وهبوها إنفاقها في غرض محدد حيث تدرج هذه الأموال في حسابات خاصة خارج الموازنة.
مبدأ توازن الموازنة
يقضى هذا المبدأ بضرورة تساوى موارد الدولة العامة مع نفقاتها العامة . وعند زيادة الموارد عن النفقات يطلق على الزيادة فائض الموازنة أما عند زيادة النفقات عن الموارد يطلق على الفرق عجز الموازنة العامة . وينبغى أن يكون فائض أو عجز الموازنة العامة مخططا بشكل لا يضر باقتصاد الدولة ذلك لأن الفائض رغم تعبيره عن سلامة المركز المالى للحكومة إلا أنه يؤدى إلى حجب جزء من الأموال المتاحة عن التداول مما قد يخلق حالة كساد في الاقتصاد وكذلك العجز الذي يؤدى إلى خلق موجة من التضخم مما يلقي عبئا على الفئات ذات الدخول الدنيا وقد يخلق ذلك اضطرابات اجتماعية . ويمكن إحداث توازن المو ازنة العامة إما بضغط النفقات أو بزيادة الإيرادات أو بكليهما.
مبدأ وحدة الموازنة
يقضى هذا المبدأ بإعداد موازنة موحدة لكل وحدات الجهاز الإداري للدولة مما يعطى صورة إجمالية عامة عن نفقات وموارد الحكومة ويسهل مراقبتها من قبل السلطة التشريعية ، ولعل أهم ما يستند إليه هذا المبدأ هو وحدة الجهاز الحكومي ووحدة الموارد التي يحصل عليها للإنفاق منها عند القيام بوظائفه .
ويرتبط هذا المبدأ كذلك بمبدأ عدم التخصيص حيث تجمع الموارد العامة ويعاد توزيعها على الاستخدامات المختلفة حسب أولوياتها. ورغم أن الموازنة العامة للدولة يتم إعدادها من مجموعة من الموازنات المبوبة حسب طبيعة النفقة أو حسب التنظيمات الحكومية المختلفة إلا أنها تقدم كموازنة واحدة إلى السلطة التشريعية.
المصدر : كتاب أساسيات المحاسبة الحكومية والمحليات.