موقف مراجع الحسابات الخارجي من موضوع تحديد الربح علمنا فيما سبق أن استخراج نتيجة الأعمال لأي منشأة من ربح أو خسارة، يتطلب ضرورة القيام بمقابلة الإيرادات بالنفقات، وذلك للوصول إلى الفرق بينهما، والذي يمثل نتيجة الأعمال من ربح أو خسارة؛ وأن الطريق الوحيد لتحديد نتيجة أعمال أي فترة زمنية محددة بدرجة كافية من الدقة، إنما يتم من خلال القيام بإجراء المقابلة الصحيحة بين الإيرادات والنفقات.
دور مراجع الحسابات في تحديد الربح المحاسبي
ونظراً لأن مراجع الحسابات الخارجي يسأل عما يبديه من رأي فني محايد، بخصوص ما إذا كانت القوائم المالية للمنشأة، تظهر بعدالة المركز المالي للمنشأة في تاريخ معين، ونتائج أعمالها، وتدفقاتها النقدية للسنة المنتهية في ذلك التاريخ، في ضوء العرض والإفصاح للمعلومات التي تحتوي عليها القوائم المالية، ووفقا لمعايير المحاسبة المتعارف عليها، والملائمة الظروف المنشاة، وذلك كله بالطبع في تقريره الذي يرفعه للجمعية العامة للمساهمين، فإنه يصبح واجبا على مراجع الحسابات الخارجي في هذا المجال، أن يتحرى ضرورة التحقق من مدى سلامة وعدالة قيام المنشأة محل مراجعته، بإجراء المقابلة الصحيحة بين الإيرادات والنفقات، والتحديد المحاسبي السليم والعادل لكل من: الإيرادات والنفقات التي تخص الفترة المحاسبية، وكذلك القياس الدقيق لكل من تلك الإيرادات والنفقات على أساس سليم وكذلك التحقق من سلامة قيام المنشأة بالتفرقة السليمة بين كل من: الإيرادات الإيرادية؛ والإيرادات الرأسمالية، وكذلك تحديد النقطة الزمنية التي يتم عندها الاعتراف بالإيراد وإثباته في سجلات المنشأة، وكذلك التحقق من سلامة التفرقة بين كل من: النفقات الإيرادية والنفقات الرأسمالية، والتحقق من سلامة تحديد النفقات التي تخص الفترة المحاسبية، لكي يمكن مقابلة الإيرادات الجارية، بما يخصها من نفقات جـاريـة، والوصول إلى ربح التشغيل الذي يعبر عن المقدرة الكسبية للمنشأة.
بكلمات أخرى، فإن المراجع الخارجي للحسابات، يجب أن يوجه الاهتمام المناسب، للتحقق من مدى سلامة وعدالة قيام المنشأة الخاضعة لمراجعته، بتطبيق مبدأ المقابلة المحاسبية، ومبدأ المدة المحاسبية، ومدى سلامة تطبيق أساس تحقق الإيرادات، وكذلك سلامة التفرقة والمعالجة المحاسبية المناسبة لأنواع الإيرادات، وكذلك المعالجة المحاسبية المناسبة للتفرقة بين أنواع النفقات ومعالجتها المعالجة المحاسبية السليمة.
أنواع تقارير المراجع الخارجي
يلاحظ وفقاً لمعايير المراجعة الدولية والمصرية، أن المراجع الخارجي ليس مطلوبا منه القيام بدور الناصح لإدارة المنشاة، بل يقوم بدوره كمراجع خارجي محايد، يقوم بالتحقق من مدى عدالة الحسابات الختامية والقوائم المالية للمنشأة، في تعبيرها عن حقيقة نتائج أعمال المنشاة ومركزها المالي وتدفقاتها النقدية والتغير في حقوق أصحاب الملكية، ومدى عدالة وأمانة دفاتر وحسابات المنشأة وانتظامها، واتفاقها مع ما ورد بالقوائم المالية والحسابات الختامية. فإذا تبين للمراجع الخارجي وجود نقاط معينة تمثل مخالفة لمعايير المحاسبة المصرية، أو لقانون الشركات المساهمة المصري، أو للقانون النظامي للشركة، أو تمثل تزويراً أو إخفاء للحقيقة، أو محاولة تهرب ضريبي، أو أية مخالفة محاسبية جوهرية أي ذات تأثير جوهري على عدالة وصدق القوائم المالية والحسابات الختامية للمنشأة، أو غير جوهرية أي ليست ذات تأثير جوهري على عدالة وصدق القوائم المالية والحسابات الختامية للمنشأة: أصبح من الواجب على المراجع الخاب في حينئذ أن ينبه إدارة المنشاة إلى هذه المخالفات.
وهنا يقف المراجع الخارجي أمام احتمال من اثنين:
أن تقوم إدارة المنشأة بتصحيح الأخطاء أو المخالفات التي بينها لها المراجع الخارجي: وفي مثل هذه الحالة، فإن المراجع الخارجي يقوم بإصدار تقرير مراجعة نظيف. بمعنى أنه يبين في هذا التقرير أنه قد تحقق من خلال أدلة الإثبات المناسبة وفقا لمعايير المراجعة المصرية، من أن الحسابات الختامية والقوائم المالية للمنشأة، تعبر بعدالة عن حقيقة نتائج أعمال المنشأة ومركزها المالي وتدفقاتها النقدية والتغير في حقوق أصحاب الملكية، ومن عدالة وأمانة حسابات المنشاة وانتظامها، واتفاقها مع ما ورد بالقوائم المالية والحسابات الختامية؛ أي أنه يقرر في هذا التقرير رضائه عن أوضاع المنشأة محل مراجعته.
الاحتمال الثاني:ألا تقوم إدارة المنشأة بتصحيح الأخطاء أو المخالفات التي بينها لها المراجع الخارجي: وفي مثل هذه الحالة، فإن المراجع الخارجي يصبح أمام 3 اختبارات:
أ. إذا كان له تحفظا أو أكثر على مخالفة أو بعض المخالفات في حسابات المنشأة؛ ليس لها تأثيراً جوهرياً على عدالة القوائم المالية: ففي مثل هذه الحالة، فإن المراجع الخارجي يقوم بإصدار تقرير مراجعة مقيدا ويشير ذلك إلى وجود بند أو أكثر من بنود القوائم المالية لا تتفق مع معايير المحاسبة واجبة الإتباع والتطبيق، ولكنها لا تؤثر تأثيراً جوهريا على عدالة القوائم المالية للمنشأة
ب. إذا كانت المخالفات المالية للمنشأة محل المراجعة أو نقاط الخلاف بين المراجع الخارجي وبين ادارة المنشأة، ذات تأثير جوهري على عدالة القوائم المالية، واصرت إدارة المنشاة على عدم تصويبها وتصحيحها وفقا لما بينه لها المراجع الخارجي: ففي مثل هذه الحالة، فإن المراجع الخارجي يقوم بإصدار تقرير مراجعة عكسي (أو سلبي) و یشیر ذلك إلى أن البنود أو النقاط التي يرى المراجع الخارجي أنها لا تتفق مع معايير المحاسبة واجبة الاتباع والتطبيع ، تؤثر تأثيراً جوهرياً على عدالة القوائم المالية والحسابات الختامية للمنشأة بما يجعل هذه القوائم لا تعبر بعدالة عن حقيقة نتائج الأعمال والمركز المالي للمنشأة وتدفقاتها النقدية والتغير في حقوق أصحاب حقوق الملكية.
ج. أما إذا كان الموقف الخطر من مجرد وجود مجموعة مخالفات مالية للمنشاة محل المراجعة أو نقاط الخلاف بين المراجع الخارجي وبين إدارة المنشاة، وتعدى ذلك إلى أن يصبح المراجع أمام حالة غش وتزوير دبرته الإدارة العليا للمنشأة، بما يعنى كذب وتضليل القوائم المالية للمنشأة وحساباتها الختامية، وحدوث مخالفات تصل إلى حد الجرائم المالية الموجبة للمساءلة الجنائية، بحيث يصبح المراجع الخارجي غير قادر على التوصل إلى رأي عن مدى عدالة القوائم المالية:
ففي مثل هذه الحالة، فإن المراجع الخارجي يقوم بإصدار تقرير خالي من الرأي - أي يمتنع عن ابداء الرأي ويشير ذلك إلى أن الموقف أخطر من تعدد البنود أو النقاط التي يرى المراجع الخارجي أنها لا تتفق مع معايير المحاسبة واجبة الإتباع والتطبيق، بما يعني أن القوائم المالية والحسابات الختامية للمنشأة تختلف كلية عن حقيقة نتائج الأعمال والمركز المالي للمنشأة وتدفقاتها النقدية والتغير في حقوق أصحاب حقوق الملكية. ويعني ذلك باختصار أن تقرير المراجع هنا يمثل بلاغا من المراجع الخارجي إلى النيابة العامة للقيام بمساءلة الإدارة العليا للمنشأة حول تلك الجرائم المالية أو الغش والتزوير والفساد المالي فاذا تبين للمراجع الخارجي، أن المنشأة محل المراجعة لديها بند و أكثر بهم مخالفات محاسبية، يصبح واجباً عليه القيام بتشبيه الإدارة، إلى ضرورة تصحيح الوضع، فإذا لم تعمل الإدارة على تصحيح الوضع، وكانت المخالفات القائمة ليست ذات تأثير جوهري على عدالة القوائم المالية للمنشأة، يصبح واجباً عليه حينئذ الإشارة إلى ذلك في تقريره، في صورة تحفـظ فيصدر تقريرا مفيدا )! فإذا كانت المخالفات القائمة ذات تأثير جوهري على عدالة القوائم المالية للمنشاة، فيجب عليه إصدار تقرير سلبي أو عكسي، أما إذا تدهورت الأمور تحد أن الوضع يمثل غشاً وتلاعباً، فحولة يجب عليه إصدار تقرير خالي من الرأي ( أو يمتنع عن إبداء الرأي). وهنا يجب ملاحظة أن العبرة في نوع التقرير ليس بعدد التحفظات؛ وإنما بجوهرها وبأثارها على مدى دلالة القوائم المالية وبعدالة إفصاحها؛ فإذا تبين للمراجع الخارجي، أن هناك تحفــلا واحدا أو أكثرعن مخالفات ذات تأثير جوهري على مدى دلالة وعدالة القوائم المالية: فإن المراجع الخارجي هنا يقوم باصدار تقرير سلبي او عكسي، أما إذا كان التحفظ أو الايمين عن مخالفات تمثل تلاعبا أو غشا وإهدارا لحقوق المساهمين لدرجة أن الوضع يمثل غشاً وتلاعباً؛ فحينئذ فإن المراجع يقوم بإصدار تقرير خالي من الرأي ( أي يمتنع عن إبداء الرأي ).
ملخص تدوينات تحديد الربح المحاسبي
- إن الربح الحقيقي الذي حققته أي منشأة أعمال، لا يمكن معرفته على وجه التحديد، إلا بعد انتهاء حياة المنشأة وتصفيتها. حيث تتمثل الأرباح الحقيقية حينئذ في: الزيادة التي تؤول لأصحاب حقوق الملكية بعد التصفية، على ما استثمرته من أموال عند بداية حياة المنشأة.
- إن القضاء يرى أن الربح الرأسمالي لا يجوز توزيعه (حيث يتم ترحيله إلى حـ/ احتياطي رأسمالي)؛ بل يجب أن يستخدم في تغطية الخسائر غير العادية.
- إن المراجع الخارجي، يجب أن يوجه الاهتمام المناسب، للتحقق من مدى سلامة وعدالة قيام المنشأة الخاضعة لمراجعته، بتطبيق مبدأ المقابلة المحاسبية، ومبدأ المدة المحاسبية، ومدى سلامة تطبيق أساس تحقق الإيرادات، وكذلك سلامة التفرقة والمعالجة المحاسبية المناسبة لأنواع الإيرادات، وكذلك المعالجة المحاسبية المناسبة للتفرقة بين أنواع النفقات ومعالجتها المعالجة المحاسبية السليمة.
- تتمثل أنواع تقارير المراجع الخارجي في: التقرير النظيف؛ التقرير المقيدة التقرير السلبي أو العكسي، والتقرير الخالي من الرأى.
مصدر المقالة : كتاب قضايا معاصرة فى المراجعة و حوكمة الشركات تأليف د.عبد الله عبد السلام , د.خالد عبد المنعم (كلية التجارة - جامعة القاهرة) .